قانون مدني

الاستغلال في القانون المدني

نتعرض في هذا المقال الي ايضاح  الاسباب التي تعرضت لابطال عقد البيع الاستغلال والغبن الذي يطال العقد مما قد يصل به الي انقاص العقد او بطلانه .

نوضح الاستغلال باحكامه التي تعرضت لعقد البيع من خلال ابراز النصوص القانونيه في السطور الاتيه :

1- النص القانوني :

  • مادة ١٢٩:

١ – إذا كانت إلتزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا  المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع إلتزامات المتعاقد الآخر ، وتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد الا لأن المتعاقد الآخر قد استغل فيه طيشا بينة أو هوى جامحا ، جاز للقاضى بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص إلتزامات هذا المتعاقد.

٢ –  ويجب أن ترفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد ، والا كانت  غير مقبولة.

٣ –  ويجوز فى عقود المعاوضة أن يتوقى الطرف الآخر دعوى الإبطال ، إذا  عرض ما يراه القاضى كافيا لرفع الغبن.

  • مادة ١٣٠ :

يراعى فى تطبيق المادة السابقة عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بالغبن فى بعض العقود أو بسعر الفائدة.

2- الاستغلال والغبن:

  • الغبن هو المظهر المادي لواقعه الاستغلال:
  •  ويمكن لنا تعريف الغبن بأنه هو عدم التعادل فيما بين ما يعطيه المعاقد وما يأخذه.
  • ويلاحظ ان الغبن لا يتصور إلا في عقود المعاوضة غير الاحتمالية.
  •  أما عقود المعاوضة الاحتمالية وعقود التبرع فلا يتصور فيها الغبن ، لأن عقود المعاوضة الاحتمالية طبيعتها تقضي بوقوع الغبن على أحد المتعاقدين ، ولان وعقود التبرع يعطي فيها أحد المتعاقدين ولا يأخذ مقابل فلا محل للكلام عن عدم التعادل بين ما أخذ وما أعطى.
  • ويلاحظ أيضا : أن الغبن يقدر بوقت تمام العقد ، حيث ينظر إلى التعادل في هذا الوقت ، ولا عبرة بتغير القيمه بعد ذلك .
  • وأن الغبن يصعب الاحتراز منه ، فلا بد من التسامح في الغبن اليسير والوقوف عند الغبن الفاحش ، وبهذا التمييز العملي امر الفقه الإسلامي .
  • يعد الغبن عيبا من عيوب الرضاء يستتبع وجوده ابطال العقد بطلانا نسبياً، الا أنه يشترط لذلك توافر أمرين :

1)) الاول – مادي أو موضوعي ، ممثل في فقدان التعادل ما بين قيمة ما يأخذه العاقد وقيمة ما يعطي علي نحو يتحقق معه معني الإفراط.

2))والثاني – نفسي أو ذاتي ، ممثل في استغلال المتعاقد الذي أصابه الغبن وتجدر الإشارة الى ان العقود الاحتمالية ذاتها يجوز ان يطعن فيها على أساس الغبن.

(هذا ما اشارت اليه مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني –في الجزء 2- صفحه 190 وما بعدها..)

3- اذن نخلص الي ان :

1-ان الغبن هو عدم التعادل فيما بين ما يعطيه المعاقد وما يأخذه.

2-وللإستغلال عنصران: احدهما-موضوعي، وهو اخـــتلال التعادل اختـــلالا فادحا، والاخر نفســـى-ممثل في  استغـــلال ضعف في نفس المعاقد.

  • ومتي اختل التوازن في عقد البيع بين قيمة المبيع والثمن، تحقق العنصر الموضوعي للاستغلال، وفى هذه الحالة يكون الاختلال الفادح واقعا فيما بين التزامات احد المتعاقدين وهو البائع والتزامات الاخر وهو المشترى، ولا يقع الاختلال فادحا فى عقود المعاوضة المحددة فحسب، بل ايضا في عقود المعاوضة الاحتمالية وفى عقود التبرع ذاتها.
  •  اما عن العنصر النفسي في الاستغلال ينحصر في أحد المتعاقدين يستغل في المتعاقد الاخر طيشا بينا أو هوى جامحا، فكثيرا ما يعتمد رجل طاعن في السن الى الزواج من امرأة لا تزال في مقتبل عمرها، وليس من النادر ان تعمد الزوجة الى استغلال هو زوجها، فتكتسبه من العقود لنفسها ولأولادها ما تشاء. ويجب ان يقع الاستغلال من أحد المتعاقدين على المتعاقد الاخر وان يكون هذا الاستغلال هو الذي دفع الى التعاقد، ويترتب على ذلك ان إرادة المتعاقد المستغل تكون إرادة غير مشروعة، وان إرادة المتعاقد المغبون تكون إرادة معيبة، ووقوع الاستغلال دافعا الى التعاقد مسألة واقع لا مسألة قانون، وعلى المتعاقد المغبون يقع عبء الإثبات.

4- ويرتب القانون المدني في المادة 129 منه على الاستغلال احدى دعويين:

  •  فإذا اختار المتعاقد المغبون دعوى الإبطال، فإن رأى القاضي ان هذا المتعاقد لم يكن ليبرم العقد اصلا ولولا هذا الاستغلال. اجابة الى طلبه وأبطل العقد.
  •  وان رأى ان الاستغلال يفسد الرضا الى هذا لاحد وان المتعاقد المغبون دون استغلال كأن يبرم العقد بشروط اقل ابهظا، رفض إبطال العقد، معاوضة كان أو تبرعا، واقتصر على انقاص الالتزامات الباهظة.
  •  اما إذا رفع المغبون دعوى الإنقاص من بادئ الأمر أو رفع دعوى الإبطال ولكن القاضي رأى القضاء بإنقاص التزاماته، قضى بإنقاص هذه الالتزامات الى الحد الذى لا يجعلها باهظة، وهذا ايضا موكول لتقدير قاضى الموضوع وفقا لظروف كل قضية.

5-على من يقع عبء اثبات الغبن؟

من يدعى وجود الاستغلال عليه إثبات قيام هذه العناصر، وهذا العبء يقع هنا على عاتق المغبون، كما يثبت الوقائع التي أثرت على رضاه والتي دفعته الى قبول العقد، وبمعنى اخر ينبغى ان يثبت طيشه البين وهواه الجامح، والغبن وينبغى الا يكون من ذلك الغبن المألوف أو المسموح به في المعاملات، بل هو ذلك الغبن الذي يحس به كل ذي ذوق سليم، وينبغي ان ينظر في تحديد عدم التعادل الى وقت إبرام العقد.

6-الفرق بين الاستغلال والغبن :

  • ليس الإستغلال الا انتقالا بالغبن من النظرية المادية الى النظرية النفسية.
  •  وان الغبن يتكون من ركن واحد هو عدم التعادل فيما بين التزامات الطرفين على صورة فادحة، في حين يتطلب الاستغلال، بالإضافة الى ذلك( عدم التعادل )، ركنا اخر هو الاستغلال للمتعاقد ممثل في ضعف المتعاقد الاخر، ومن هنا كان للاستغلال ركنان: احدهما مادى والاخر نفسى.
  • على انه يجب الانتباه، بدقة وحذر الى ان معنى عدم التعادل في نظرية الاستغلال ليس ماديا وانما هو شخصي محض، وهذا ما تختلف فيه نظرية الاستغلال عن نظرية الغبن اختلافا تترتب عليه نتائج قد يكون بعضها أثرا لبعض ممثل في :
  • عدم التعادل فى الغبن هو مادى محض ممثل في قيمة الشيء ذاته فى السوق لا في نظر المتعاقدين.
  • واما في الاستغلال فهو في قيمته عند التعاقد، فالقيمة هنا شخصية وليست مادية كما هي في الغبن.
  •  فمقياس اختلال التعــادل وان كــان مادي الا ان تحــديد مقداره يتصل بشخص المتعاقد، ويترتب على ما تقـدم عدم امكان تحـــديد مقــدار عدم التعادل في الاستـــغلال برقــم محدود  وبنسبة معـــينة كما هو في الغبــن، لان القيمة على ماديتها مادامت شخصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى