القانون الاداري مجلس الدولهالقانون الجنائي

إلزام الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في كارت المعلومات الجنائية إلا للخطرين على الأمن العام

مبدأ هام للمحكمة الإدارية العليا  بإلزام الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في كارت المعلومات الجنائية إلا للخطرين على الأمن العام

حيث أرست الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي ومحمود أبو الدهب نائبي رئيس مجلس الدولة، مبدأ مهما بإلزام
الداخلية بعدم إدراج أسماء المواطنين في كارت المعلومات الجنائية إلا للخطرين على الأمن العام، وأن تراعى التحديث المستمر للبيانات التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية النيابة العامة أو المحاكم الجنائية.
وأكدت أن وزارة الداخلية ملزمة بعقد المواءمة بين حقها في الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا (كارت المعلومات) في رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما ثبت في التسجيل الجنائي من السلوك الإجرامي إلى مخاطر تضر بالمجتمع، وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التي تمنح لهم حقا.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار احمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي ومحمود أبو الدهب نائبي رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار وزارة الداخلية بإدراج اسم اثنين من المواطنين
الأول بمحافظة الجيزة والآخر بمحافظة البحيرة ضمن المسجلين جنائيا باعتبارهما متهمين فى قضايا حصلا على البراءة فيها حرصاً على سمعتهما ومستقبل أبنائهما وأقاربهما وذويهما.

وقالت المحكمة إن الأصل في الإنسان البراءة، ولا يجوز نقض هذه البراءة إلا من خلال القانون وبحكم قضائي تكفل فيه للمتهم كل ضمانات  الدفاع عن نفسه، وإذا كان المشرع فى المادة الثالثة من قانون هيئة الشرطة رقم 109لسنة 1971 قد اختصها بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة، وأناط بها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صوناً للمجتمع وحفاظاً على المصلحة العامة الأمر الذي يجيز لها أن تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يكفل تحقيق ذلك وحفظ الأمن وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام.

وأضافت المحكمة أن تتخذ من الإجراءات ما ييسر لها سرعة التعرف على من اعتاد ارتكاب جرائم بعينها ومن تخصص فى سلوك إجرامي بذاته أو نشاط جنائي بعينه بحيث يكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت فى حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة  بها، إلا أنها فى هذا السبيل لا يجوز لها التضحية بأصل البراءة المشار إليه الذي تكفله القواعد الدستورية ولا يقبل منها أن تشوه الأهداف المرجوة من تلك التدابير بإساءة استخدامها أو بالانحراف عن أغراضها إذ لا يكفى أن يكفل للمواطنين حرية أو حق ما دون وسائل إجرائية مشروعة ملزمة تصونه ويكون اتباعها ملزما
واحترامها واجبا.

وتابعت المحكمة أنه من ثم يتعين على وزارة الداخلية أن تناغم بميزان دقيق بين حقها فى اتخاذ إجراءات المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة “الأمن، والصحة، والسكينة”، وبين حقوق المواطن وحرياته وفى مقدمة ذلك أصل البراءة المفترض فى كل إنسان فلا تجرى ذلك التسجيل الجنائي لشخص برئ لم يحكم القضاء بإدانته، ولا أن تجعل مجرد الاتهام أصلاً يستوجب التسجيل رغم أنه لم يحرر ضد المواطن عن الواقعة المنسوبة إليه إلا مجرد محضر، وحفظ بعد ذلك، أو تقرر عدم إقامة الدعوى الجنائية عنه أو قدم عنه لساحة القضاء وبرأه مما ورد فيه.

ولفتت المحكمة إلى أن صحيفة الحالة الجنائية تعتبر بمثابة شهادة ببيان الأحكام الجنائية المسجلة بمصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، وهى تختلف عن نظام التسجيل الجنائي الذى تنظمه قواعد إدارية متطورة تصدر عن  قطاع مصلحة الأمن العام ( الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية) حيث تقتصر صحف الحالة الجنائية على الأحكام الجنائية الصادرة فى الجنايات والجنح فى حين أن التسجيل الجنائى أو ما يطلق عليه كارت المعلومات الجنائية يشمل الاتهامات بغض النظر عن نتيجة التحقيق أو الحكم الصادر  بها.

ويلزم أن يكون التسجيل الجنائى قاصرا فى
التعامل على الجهات الداخلية المعنية بوزارة الداخلية بينما صحيفة الحالة الجنائية
يطلبها من يشاء من المواطنين بعد سداد الرسوم المقررة لتقديمها إلى الجهات الإدارية
التى تستلزم تقديمها ضمن أوراق الحصول على بعض الخدمات أو التقدم لبعض الوظائف.

ومن ثم وفقاً للمبادىء الدستورية والقانونية
فإنه يتعين عقد المواءمة بين حق الجهة الإدارية فى الحفاظ على الأمن العام واستخدام
التكنولوجيا ( كارت المعلومات) فى رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد
الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت فى التسجيل الجنائى من السلوك  الإجرامى إلى مخاطر  تضر  بالمجتمع  وهى لا ريب غايات سامية تسعى إليها الجهات القائمة
على الأمن، وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم
أو القواعد القانونية الحاكمة التى تمنح لهم حقا.

وذكرت المحكمة أنه يتعين فرض قيود على الجهة
الأمنية فلا تقوم إلا بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية،
وأن تراعى التحديث المستمر  للبيانات التى قامت
بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية ( النيابة العامة أو المحاكم الجنائية)
لرصد ما صدر منها من استبعاد الشخص من الاتهام، وأوامر الحفظ أو الأمر بألا وجه لإقامة
الدعوى الجنائية، وما صدر من أحكام بالبراءة أو بسقوط الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة
بمضى المدة، أو الحكم برد الاعتبار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التسجيل الجنائى وهو
إجراء وقائى احترازى تمارسه جهة الإدارة يتعين أن لا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد
وحرياتهم أو اتخاذه وسيلة للتنكيل بهم، لاسيما وأن الجهة الإدارية لديها وسيلة قاطعة
لرصد الأحكام الجنائية وهى صحيفة الحالة الجنائية.

ويتعين لضمان سلامة التسجيل الجنائى أن
يتضمن هذا التسجيل حقائق جنائية ثابتة ومبنية على قرارات أو أحكام قضائية فاصلة، وأن
تراجع تلك البيانات دوريا لتحديث ما ورد بها من معلومات لتصحيح الأخطاء الواردة بها،
واستكمال البيانات التى وردت بشأنها حتى لايؤاخذ صاحبها بغير حق أو تدمغ سمعته بالباطل،
أو تضفى ظلالاً من الشك حول سيرته.

واستطرت المحكمة أنه تعاضدا مع مبدأ استقرار
المراكز القانونية وحق الأفراد في الشعور بالأمان والاطمئنان من أى ملاحقة لا يكون
لها مبرر قانوني وأمنى فقد حدد  المشرع قواعد
ومدد من انقضاء الدعوى الجنائية سواء في مواد الجنايات أو الجنح فإنه يكون الأمر أولى
بالاتباع  إذا كان محل التسجيل الجنائي مجرد
اتهام لا يرقي إلى الإدانة وبإلاحالة إلى المحكمة الجنائية إذ يكون مجرد الاتهام بعد
مضى سنوات انقضاء الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة الصادرة بشأنها  وهى مبدأ أصولي في مجال العقاب الجنائي لغوا، لا
يأبه به، وعدوانا على حرية المواطنين بعد أن كان المسند لهم مجرد اتهام يحتمل الصحة
و الخطأ، وهو أمر أقل أهمية بيقين من رفع الدعوى الجنائية ضد المتهم  أو سقوط العقوبة الصادرة بشأنها، وأن المواد (
15  و 454 و 528) من قانون الإجراءات قد تضمنت
النص علي: “انقضاء الدعوى الجنائية في الجنايات بمضي عشر سنين تبدأ من تاريخ ارتكاب
الجريمة كما نصت على سقوط العقوبة  المحكوم
بها فيها بمضي عشرين سنه وفي الجنح تنقضي بمضي ثلاث سنوات وتسقط العقوبة فيها بمضي
خمس سنين”.وتضمنت النص كذلك  على انقضاء
الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم
نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة  ، وهي قواعد  تقررت في جملتها انطلاقاً من أن مضي الزمن على ارتكاب
الجريمة وما يرتبط بها من نسيان الفعل من ذاكرة الناس بحيث يعتبر إقرار نظام التقادم
أو السقوط قرينة على أن المجتمع قد نسي هذا الفعل وتعامل مع من ارتكب الجريمة على أنه
شخص برئ نشأ له مركز واقعي يتعين إقراره.

واختتمت المحكمة  أن المطعون ضدهما الأول بمحافظة الجيزة اُتهم فى
القضية رقم 3670 لسنة 71 جنح مركز البدرشين جيزة ” إتلاف محاصيل ” وأنه لا
توجد بيانات رسمية عن هذه القضية لمضى أكثر من ثلاثين عاما عليها، فضلاً عن أن المطعون
ضده قرر أنه لم يدان فى تلك القضية وهو مالم تدحضه الجهة الإدارية الطاعنة أو تقدم
ما يناقضه.

كما اُتهم فى فى القضية رقم 2843 لسنة
1981 جنح مركز البدرشين / جيزة ” اَداب عامة ” وقضى فيها ببراءة المطعون
ضده واستأنفت النيابة العامة الحكم وقضى فى الاستئناف رقم 4592 لسنة 1983 مستأنف البدرشين
بتأييد البراءة , واُتهم فى المحضر رقم 2524 لسنة 1998 إداري البدرشين ” عدم تسليم
سلاح مرخص ” وقد حُفظت الأوراق إدرايا بتاريخ 12/12/1998 , والثاني بمحافظة البحيرة
اُتهم في القضية رقم 5025 لسنة 1994 جنح الدلنجات ” غش تجارى ” وأنه بعد
التحقيقات التى اجرتها النيابة العامة وثبوت صلاحية الأسماك – التى تم تحليلها بمعامل
وزارة الصحة – للاستهلاك الاَدمى أعيد قيد الواقعة برقم 2650 لسنة 1994 إدارى الدلنجات
مادة إثبات حالة , وحفظت بتاريخ 10/8/1994على ما هو ثابت بالشهادة الرسمية من جدول
نيابة الدلنجات الجزئية المؤرخة 27/4/2002 وكذا من تقرير وحدة المباحث بمركز شرطة الدلنجات،
وهو مالم تدحضهما الجهة الإدارية الطاعنة أو تقدم ما يناقضهما.

وعلى هذا النحو فإن المطعون ضدهما لم تثبت
إدانتهما فى القضايا المذكورة ويكون إدراج اسمهما ضمن المسجلين جنائيا باعتبارهما متهمين
فى تلك القضايا إنما يخالف الواقع ويخل بحقهما الدستوري في التمتع بأصل البراءة طالما
لم يثبت إدانتهما بحكم قضائي، كما أن استمرار تسجيل أسمائهما على الوجه المشار إليه
يجعلهما محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريتهما
الشخصية ويؤثر على سمعتهما ومستقبل ابناءهما واقاربهما وذويهما ويتعين محوه حتى لا
يظل سيف الاتهام عن تلك القضايا عالقاً بهما إلى مالا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة
للإنسان.

ومن ثم، فإن استمرار جهة الإدارة في تسجيل
تلك القضايا أمام أسمائهما وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قرارا إداريا
مخالفا لأحكام الدستور والقانون.

الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى